تاريخ الصحافة المحلية والمهجرية

تاريخ الصحافة اللبنانية المحلية والمهجرية (القسم الثالث)

الصحافة الأرمنية في لبنان

يعود تاريخ الصحف الأرمنية في لبنان الى العام 1927 مع صدور صحيفة “أزتاك” يكتب اسمها بالأرمنية” Ազդակ” وبالأحرف اللاتينية “Aztag” . وهي اول صحيفة يومية باللغة الأرمنية تصدر من الإثنين إلى الجمعة.
بتاريخ 12 تشرين الثاني / نوفمبر 1937 تأسست صحيفة جديدة بـ اللغة الأرمنية باسم «أراراد» (بالأرمنية Արարատ نسبةً إلى جبل أرارات وبالأحرف اللاتينية “Ararad” وهي صحيفة يومية تصدر من الإثنين إلى الجمعة، وهي الناطق الرسمي باسم حزب الهنشاق في لبنان.
في العام 1953 أسس الزوجان ديكران ولوسي توسباط صحيفة “أيك ” باللغة الأرمنية” “Այգ” أي الفجر، و كانت جريدة لبنانية باللغة الأرمنية تصدر في بيروت، لبنان خمس مرات أسبوعيا من الإثنين إلى الجمعة، وهي جريدة أرمنية مستقلة غير تابعة لأي حزب أرمني. واستمرت بالصدور حتى عام 1975 برئاسة تحرير السيدة لوسي توسباط، في حين أن الزوج ديكران توسباط كان يدير جريدة «لو سوار» باللغة الفرنسية (Le Soir).
باع توسباط رخصة الجريدة في السبعينات إلى مجموعة Monday Morning الصحفية حيث أصدرتها كجريدة يومية باللغة الإنكليزية تحت اسم Ike بتغيير تهجئة الاسم. وتوقفت Ike عن الصدور نهائيا بسبب الخسائر المتراكمة، وبسبب المنافسة الشديدة لجريدة ذا ديلي ستار الأقدم والأكثر انتشارا.
لم يقتصر الإعلام الأرمني على الصحافة المكتوبة وإن كانت هي الأقدم. فمنذ الثمانينات بدأت اللغة الأرمنية بالتواجد عبر الراديو والتلفزيون. وإن كان الأرمن لا يملكون محطة تلفزة خاصة بهم فقد خصصت بعض القنوات اللبنانية نشرات أخبار باللغة الأرمنية تتنافس لاستقطاب الناخبين الأرمن.
بقيت الأحزاب الأرمنية تخاطب الرأي العام الأرمني بالإعلام المكتوب، حتى عام 1986، إذ أسس رجل حزبي، من حزب الطاشناق، وبمبادرة فرديّة منه راديو “صوت فان” (فان هي بحيرة أرمنية محتلة من قبل الأتراك). بعد سنتين أصبحت الإذاعة في عهدة حزب الطاشناق، وناطقة رسميّة باسمه، و هي إذاعة منوّعة البرامج، ما بين سياسيّة، ثقافيّة، اجتماعية، إضافة لبرامج أساسية حول تاريخ أرمينيا, وما يعنى بالقضية الأرمنية ككل. كما وتضم برنامج يومي باللغة العربية، تتنوّع مواضيعه ما بين السياسية والثقافية.
بقيت إذاعة “صوت فان” دون منافسة، حتى بدايات شباط 2008. إذ تم تأسيس إذاعة “سيفان” (سيفان هي أيضا بحيرة في أرمينيا) التي تعتبر أول وسيلة إعلاميّة أرمنية غير حزبية، تعرضت الى إحراق مكاتبها في احداث العام 2008 ما ادى لتوقفها عن البث لمدة شهر، لتعود من جديد إلى البث، بعد أن نقلت مكاتبها إلى حي مار مخايل، ذو الأغلبية الأرمنية، في شرق بيروت، “كون تلك المنطقة أكثر أمناً، وتسهّل عمليّة استقبال الضيوف في الإذاعة، والقيام بالتحقيقات الميدانية في برج حمود” يقول جرهجيان.
قبيل الانتخابات النيابيّة اللبنانية في 2000، بدأ تلفزيون المستقبل اللبناني ببث نشرة اخباريّة يومية، ولمدة 10 دقائق، باللغة الارمنية. وذلك، إضافة لنشرات اخرى، باللغتين الفرنسية والانكليزية.
في 24 نيسان 2009، في ذكرى الإبادة الأرمنية، وقبيل الانتخابات النيابية في حزيران 2009، بدأ تلفزيون “او تي في” ببث نشرة أخبار بالارمنية لمدة نصف ساعة تقريباً. وهي لا تختلف عن مثيلتها في تلفزيون “المستقبل” سوى بأنها في الخط السياسي الخصم.
ويمكن القول أنه لا يوجد إعلام أرمني مستقل أو غير خاضع لخطاب حزبي معيّن، فالصحافة الارمنية هي صحافة حزبيّة بالدرجة الأولى، وكذلك الأمر، بالنسبة للإعلام المسموع الذي يتكوّن من محطتين، إحداهما لحزب الطاشناق، واخرى غير حزبية ولكنها تعمل ضمن توجه معين.
ورغم انقسام الأحزاب الأرمنية على الصعيد السياسي بين معسكري 8 و14 آذار، فإن الإعلام الأرمني لم يدخل في الزواريب الإعلامية اللبنانية، من تحريض و”صب الزيت على النار”. فقد بقي بعيداً عن استخدام مصطلحات مثل “التخوين، الاتهام” وغيرها من المصطلحات التي سيطرت على الخطاب السياسي والاعلامي للأطراف اللبنانية، منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، في 14 شباط 2005.
ورغم ذلك، يبقى أن حدّة الانقسام لدى الأرمن أقل بكثير من مثيله في الإعلام اللبناني، وهي تبقى ضمن حدود المنافسة السياسيّة، ليس اكثر، وتبقى “الاحزاب الأرمنية متّفقة على القضايا الأرمنية، أما المشكلة فيما بينها في لبنان، فهي تختصر بكونها مجرّد صراع على السلطة”.
نهضة الصحافيات
دخلت المرأة اللبنانية مبكرًا إلى عالم الصحافة، فأصدرت سليمة أبي راشد مجلة «فتاة لبنان» في العام 1914. ومن ثم توالت النهضة الصحفية النسائية في لبنان؛ فأصدرت ماري يني «مينرفا» العام 1917، كما أصدرت ماري زمار «فتاة الوطن» في زحلة، وفي العام نفسه أيضا أصدرت عفيفة صعب «الخدر». وأصدرت حبوبة حداد أول مجلة نسائية لبنانية في أوروبا، وهي مجلة الحياة الجديدة التي أنشأتها في العاصمة الفرنسية باريس في العام 1920، ثم في بيروت.
على الرغم من انتقال السيطرة على بلاد الشام (تحديدًا سوريا ولبنان) آنذاك، من الحكم العثماني إلى دولة الانتداب (1920 – 1943)، ظل صدور الصحف في لبنان في ارتفاع، عبر موضوعات وقضايا مختلفة: أدبية وسياسية، ودينية، وحزبية

رواد وشهداء
قدمت الصحافة اللبنانية المئات من الرواد في العمل الصحافي في العالم العربي، وفقدت عشرات الشهداء، بداية في الـ6 من أيار/مايو، حيث تحتفل كلٌّ من سوريا ولبنان بعيد الشهداء. صحيحٌ أنّ هذه الذكرى هي في الأساس لشهداء الصحافة، الذين علّقت السلطة العثمانية مشانقهم في العام 1916، في “ساحة البرج” في بيروت، التي أصبحت تُعرف بعد ذلك بـ”ساحة الشهداء”، وفي “ساحة المرجة” في دمشق، لكنّها أيضاً تذكار لجميع الشهداء، ومن ضمنهم الصحافيين، الذين سقطوا دفاعاً عن حرية التعبير. خصوصا في الحرب الأهلية اللبنانية التي امتدت من العام 1975 إلى العام 1990، وصولاً إلى بدايات القرن الحادي والعشرين. فإلى جانب الرواد غسان جبران تويني وسعيد فريحة وطلال سلمان وغيرهم .
وإلى جانب هؤلأ الشهداء ، فقد لمعت في عالم الصحافة – السلطة الرابعة أسماء كبيرة ، كان لها الدور الأساسي في تطوّرالصحافة العربية بشكل عام .
من شهداء الصحافة
نسيب المتني: عارض المتني التمديد للرئيس الراحل كميل شمعون وجاهره بمعارضته، ووصف التمديد بالجريمة. وليل السابع من أيار 1958، أثناء «ثورة 1958»، اخترقت جسد المتني رصاصات مجهولة المصدر وغيّبته، فغابت صحف لبنان ثلاثة أيام حداداً على شهيدها.
كامل مروة: في 16 أيار 1966، ارتوت «دار الحياة» بدماء الصحافي كامل مروة، الذي عمل في صحف عدة، أبرزها «النهار»، قبل أن يطلق جريدة “الحياة” في بيروت. وبرز مروة كأحد ألمع الصحافيين في مدرسة مؤسس «النهار» الراحل جبران تويني، وصادق ملوكاً ورؤساء عرباً، واختلف في الرأي مع آخرين، إلى أن وجد مضرجاً بدمائه خلف مكتبه في «الحياة».
ادوار صعب: في 16 أيار 1976 كانت الشهادة تنتظر صعب، الذي تربع على عرش الصحافة اللبنانية الناطقة باللغة الفرنسية. وقبل استشهاده قال كلماته الأخيرة لزوجته نهى شلحط:
«إن لبنان سيحتجب فترة. ومنذ اليوم وحتى عشرين عامًا، سوف يفقد لبنان سيادته وحرية قراره. لكن بعدها سينهض كبيرًا من كبوته منتصرًا على الأعاصير كلها». لم ينهض لبنان من كبوته في الوقت الذي كبا فيه ادوار صعب، ولن ينهض.!
سليم اللوزي
في الرابع من آذار 1980، اغتيل رئيس تحرير مجلة “الحوادث”، وعُدّ شهيد الصحافة والصحفيين. وقد وُجدت جثة اللوزي في أحراج بلدة عرمون، بعد ثمانية أيام على اعتراض مسلحين سيارته على طريق المطار وكان برفقة زوجته وشقيقتها وسائقه ومرافقه. لكن طريقة قتل اللوزي كانت غاية في البشاعة، فبعد إطلاق النار على رأسه، أحرقت يده بالأسيد. اللوزي الذي بدأ حياته الصحافية في مصر، وتحديداً من مجلة «روز اليوسف»، ومن ثم اشترى امتياز «الحوادث»، واشتهر بلسانه السليط وقلمه اللاذع وتوقه إلى الحرية.
رياض طه
لم يعش نقيب الصحافة رياض طه حتى ذكرى 6 أيار، وهو الذي كرّس ذلك اليوم عيداً لشهداء الصحافة، فسقط شهيداً في 23 تموز 1980، بعدما اخترقت جسده 6 رصاصات من النوع المتفجر كانت كافية لوضع حد لحياة النقيب بعد 13 عاماً على انتخابه، وبالاجماع، نقيباً للصحافة.
سهيل طويلة
رئيس تحرير «النداء»، والمدير العام المسؤول في مجلة “الطريق”، وأحد الوجوه البارزة في «الحركة الوطنية» اللبنانية والحزب الشيوعي اللبناني.
سقط شهيدًا إثر إطلاق رصاصات مجهولة في 24 شباط 1986. أنجز الحزب الشيوعي تحضيراته لاحياء الذكرى الأولى لاستشهاد طويلة، ومن كان أفضل من صحافي الحزب المؤرخ حسين مروة ليكون خطيب الاحتفال، وهو الذي رثى رفيقه بعد أيام على اغتياله وقال:
«شهيدًا شيوعيًّا صحافيًّا مات سهيل طويلة. موت الشهيد الشيوعي موت آخر. هو التقمص من نوع آخر، انه يتقمص الحياة الأوسع والأعمق حياة كل الطيبين…». كانت لمروة كلمات أخرى سيقولها في الذكرى السنوية لطويلة، لكن رصاصات ثلاثة أطلقها مجهولون على «الشيخ» (وهو لقب أطلق على حسين مروة) كانت كفيلة بوضع حد لحياة من «ولد شيخاً ومات طفلاً» في 24 شباط 1987.
سمير قصير
في 2 حزيران (يونيو) 2005، اغتيل الصحافي والكاتب في «النهار» سمير قصير الذي يعد من محرّكي «انتفاضة الاستقلال 2005»، ومطلق هذا الشعار، في انفجار داخل سيارته في منطقة الأشرفية، فأصبح قصير شهيد هذا الشعار وشهيد «ربيع بيروت» الذي نادى به وانتظره طويلاً قبل ان تفجّره يد الغدر.
جبران غسان تويني
صباح 12 كانون الأول 2005 أيضًا، أدى انفجار إلى اغتيال رئيس مجلس إدارة «النهار» والمدير العام لجريدة النهار والنائب في البرلمان جبران تويني، وذلك في المنطقة الصناعية في المكلّس، فقتل على الفور مع اثنين من مرافقيه: اندريه مراد ونقولا الفلوطي.
من أهم الصحف اللبنانية:
جريدة النهار
جريدة السفير
جريدة الشعب
جريدة الشرق
جريدة الأنوار الصادرة عن دار الصياد
جريدة البيرق
جريدة اللواء
جريدة الحياة
جريدة الديار
جريدة المستقبل
جريدة البلد
جريدة الأخبار
جريدة الجمهورية
جريدة نداء الوطن
نقباء الصحافة اللبنانية منذ 1911
خليل سركيس رئيس لجنة الصحافة اللبنانية – 1911
جورج حرفوش رئيس جمعية الصحافة اللبنانية – 1918
رامز سركيس نقيب الصحافة اللبنانية – 1919
وديع عقل نقيب الصحافة اللبنانية – 1924 ثم 1928
بشارة عبد الله الخوري (الأخطل الصغير وأمير الشعراء) نقيب الصحافة اللبنانية 1925
خليل نسيب نقيب الصحافة اللبنانية 1933
ميشال أبو شهلا رئيس نقابة الصحافة وجمعية أصحاب الصحف الدورية 1943
محي الدين النصولي نقيب الصحافة اللبنانية – 1944
جبران التويني نقيب الصحافة اللبنانية – 1946
تقي الدين الصلح نقيب الصحافة اللبنانية – 1946
إسكندر الرياشي نقيب الصحافة اللبنانية – 1947
كميل يوسف شمعون نقيب الصحافة اللبنانية – 1950 ثم 1953
روبير أبيلا نقيب الصحافة اللبنانية – 1954 ثم 1956
عفيف الطيبي نقيب الصحافة اللبنانية – 1958 ثم 1960 ثم 1962 ثم 1965
زهير عسيران نقيب الصحافة اللبنانية – 1966
رياض طه نقيب الصحافة اللبنانية – 1967 ثم 1970 ثم 1973 ثم 1976 ثم 1979
فريد أنطون تولى رئيس نقابة صحافة الشمال – 1938
محمد البعلبكي نقيب الصحافة اللبنانية – 1982 ثم 1984 ثم 1987 ثم 1990 ثم 2011
عـونـي الكعكـي نقيب الصحافة اللبنانية 2015 ثم 2017 ثم 2020
رئاسة النقابة بالوكالة
محمد الباقر 1946، وفريد أبو شهلا 1980، وتوفيق المتني 1967، ورأس رامز سركيس الهيئة الانتقالية لأرباب الصحف 1943.
وكالات الأنباء
في لبنان وكالتا أنباء تمتلكهما الدولة اللبنانية، منها الوكالة الوطنية للإعلام (NNA)، المؤسسة الرسمية للأخبار في لبنان، أطلقت العام 1964. كان عدد المشتركين في العام 1974 نحو 600. والوكالة الثانية هي وكالة الأنباء المركزية. ووكالاتا أنباء إقتصادية يملكها القطاع الخاص، الأولى وكالة “أوريان برس” أسسها رؤوف أبو زكي ومجموعة من الصحافيين، والوكالة العامة للأنباء التي أسسها أنطوان بشارة وابراهيم عواضة وفارس سعد.
ليست الصحافة إلا وليدة البيئة و صورة العصر و مرآة تنعكس على صفحتها بدوات المجتمع و نزواته ولاشك بأن الصحافة وكما تسمى “السلطة الرابعة” لا بدّ ان تكون العين الراصدة والجهة الرقابية والتي تضع الجميع أمام مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والإنسانية،فهي بدون شك لها دور كبير في صناعة الرأي العام حول أية قضية، بل هي التي تسلط الأضواء على كل فساد في المجتمع وتدق ناقوس الخطر على اي قرار ضد المصلحة العامة ، ولذلك لابد أن تعطى الصحافة المجال لممارسة دورها الانتقادي البناء ومحاربتها كل سلوك وتصرف سلبي يسبب زعزعت امن الوطن .
النقيب محمد البعلبكي(1921-2017)
من أبرز وأشهر نقباء الصحافة في لبنان والعالم العربي، انتخب نقيبا للصحافة اللبنانية، بالإجماع، في تسع دورا ت متتالية بين عامي 1982 و 2014 . تخرّج من الجامعة الأميركية، عام 1942، بشهادة الأدب العربي . عرف بثقافته الواسعة ، وبكتاباته الأدبية المميزة.
انصرف إلى العمل الصحفي ، الذي التصق به حتى أقعده المرض ، قبل رحيله ببضع سنوات.عمل أولا محررا في جريدة الديار لمدة ست سنوات من 1943 الى 1949، وشارك في تحرير مجلة الصياد ، وأسس في العام 1947 جريدة كلّ شيء، أسبوعية، استمرت في الصدور مدّة أربع سنوات، وفي العام 1951 أصدر جريدة صدى لبنان . انتمى البعلبكي إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي في العام 1949 ، بعد تعرفه إلى أنطون سعاده، وتسلمّ عدّة مسوؤليات حزبية، ومنح رتبة الأمانة وكان رئيسا للمجلس الأعلى (السلطة التشريعية)، عند المحاولة الإنقلابية عام 1962، سجن وعذب ونكل به، وصدر بحقه حكما بالإعدام وشمله العفو العام، وتميز في جلسات التحقيق معه بمواقفه الصلبة ، ودفاعه العقائدي عن مبادىء الحزب وتاريخه.
جورج جرداق
روى بنفسه سيرة حياته ،جاء فيها :
ولدت سنة 1931 في منطقة (شوير) في لبنان وبعد فترة من الزمن تركنا المكان وذهبنا إلى جنوب لبنان وسكنا في منطقة تدعى (مرجعيون) وهي منطقة تقع في حدود فلسطين ـ لبنان ونحن ننحدر من عائلة مسيحية عربية أصيلة، فقد كانت تسكن منطقة مرجعيون عرب مسيحيين اقحاح، وكنا نعيش بسلام ووئام مع المسلمين وكثير من اسماءنا لها صلة بالإسلام فالكثير سمي بناتهم زينب وفاطمة وغيرها وأسماء الرجال أحمد ومحمود وبالمقابل فإن المسلمين كانوا يسمون بأسماء المسيحية.
بدأت دراستي هناك وانهيت الدراسة الابتدائية والثانوية ثم ذهبت إلى بيروت وأكملت الدراسة الجامعية في الكلية البطاريكية في بداية العقد الخمسين من القرن الماضي.
بعد ان انهيت دراستي الجامعية، بدأت ادرس الأدب العربي والفلسفة العربية، ومن المعلوم ان الإمام علي (عليه السلام) مطلوب في هاتين المادتين خصوصا، ومن اجل زيادة ثقافتي ودراستي بدأت بالقراءة والتعلم والتوسع والبحث عن هذه الشخصية العظيمة، فقرأت وقرأت وقرأت الكثير فتعلمت من خلال أبحاثي وقراءتي ان هذه الشخصية لها قدر أكبر مما يكتب عنها وإن الإمام علي أكبر مما في تصوري وداخلي فعمدت إلى قراءة نهج البلاغة بصورة ثانية بتفحص وتمعن وبصورة معمقة فبدأت اكتب تصوري من خلال الشخصية التي لا مثيل لها وكان كتاب صوت العدالة الإنسانية في نهاية العقد الخمسين من القرن الماضي حوالي سنة 1958، فبدأت بالكتابة وعمري لا يتجاوز الخامسة والعشرين.
كتبت مقالات كثيرة في مجلة الطريق والرسالة وغيرها فبالإضافة إلى مؤلفاتي الخمسة في حق الإمام علي (عليه السلام) (صوت العدالة الإنسانية، الإمام علي والثورة الفرنسية ، الامام علي وحقوق الانسان ، الامام علي وسقراط) جاء كتاب روائع نهج البلاغة، ولي مؤلفات قصصية مثل (نجوم الظهر، قصور وأكواخ، ضفاف باريس، حديث الملاهي، حديث الغواني) وكذلك لي عدة مسرحيات مثل مسرحية (صلاح الدين وريكاردوس قلب الأسد) الذي مثلها نخبة من اشهر الممثلين، ولدي حكايات من ثلاث مجلدات مثل المشردون ورفيقي وغيرها وأخيرا لي ديوان شعر كبير لم يطبع بعد.أنا كثير المطالعة والقراءة وأقرأ لكثير من مفكري وأدباء الغرب والعرب وغيرهم فأحاول ان ألم بجميع الثقافات فأقرأ مثلا ديستوفسكي كما أقرأ لتوفيق الحكيم وغيرهم.
تاريخ الطباعة ونشأة الصحافة في لبنان
اولا: نشأة الطباعة
تميز لبنان مع نهايات القرن الثامن عشر والنصف الأول من القرن التاسع عشر الماضي بنهضة أدبية وثقافية واسعة بدأت مع أواخر الوجود العثماني والانتداب الفرنسي وقد ظهر في تلك الحقبة المئات من الأدباء والشعراء والعلماء والفلاسفة والمفكّرين جلهم من بلاد الشام من بينها لبنان، ومن أبرز هؤلاء جبران خليل جبران وأمين الريحاني وتوفيق يوسف عواد وغيرهم ممن ساهموا في تعزيز النهضة الأدبية والعلمية العربية والمحافظة على لغة العرب وعلومهم وإرث فلاسفتهم كتراث وقاموا بصوغ إنتاجهم الفكري والعلمي ومواكبة الثورة العلمية الكبرى ومجالات تطورها وأهمها تعريب المصطلحات العلمية وإدخالها إلى القاموس العربي بأرقى ما يكون الفن والإبداع.
وتحتفظ بلدة الخنشارة بمنطقة جبل لبنان في دير القديس مار يوحنا الصايغ للكاثوليك باحتوائها على إرث فـريد من نوعه وهو المطبعة العربية الأولى في الشرق التي تأسست عام 1733م وطبعت أول كتاب بالحرف العربي كان بعـنوان (ميـزان الزمـان) ، لهذا عمد لبنان الرسمي إلى الإحتفال بمرور 250 سنة على وفاة مؤسس المطبعة العربية الأولى في العالم الشماس عبد الله زاخر، وفيما بعد اتخذ قرار بتحويل المطبعة إلى متحف جرى افتتاحه في احتفال رسمي في العام 1998م ، وتأسست في بيروت عام 1751م أول مطبعة وهي مطبعة (مار جاورجيوس) للروم الأرثوذكس وتوقفت عن العمل بوفاة مؤسسها الشيخ يونس نقولا جبيلي عام 1834م .وفي عام 1808م أحضر الراهب سيرانيم الشوشاني مطبعة معه من روما، وأنشأ مطبعة ثانية في دير مار قزحيا خصصت لطباعة الكتب الدينية. والجدير بالذكر أنه مع بدء نشاط المطبعة الأميركية في بيروت إنطلق (الحرف المشكول) الذي بات يعرف باسم (الحرف الأميركاني).
ومن أبرز المطابع في بيروت مطبعة “دار صادر” التي تأسست عام 1863م والتي اهتمت بطبع الجريدة اللبنانية الرسمية المتخصصة بنشر القرارات والمراسيم الصادرة عن الجهات الرسمية اللبنانية كمجلس النواب ومجلس الوزراء بالإضافة إلى إصدار المطبوعات والمنشورات القانونية والحقوقية كما وأن مطبعة عيتاني تميزت آنذاك بأهميتها لكونها من المطابع الأولى التي استخدمت الـ (الأوفست) ومطبعة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية التي تأسست عام 1936م وكانت متخصصة بطباعة الكتب المدرسية.
اما عن دور النشر العاملة حاليا هي دار صادر ومكتبة لبنان والدار العربية للعلوم ودار الفكر ودار الكتب العلمية وبيسان والفرات ودار الساقي ودار رياض الريس ودار الفارابي وغيرها ، وأن عدد دور النشر المسجلة في نقابة الناشرين بلبنان يبلغ ال 600 دار إلا أن 225 دار نشر هي العاملة.واما أبرز معارض الكتب في لبنان حاليا أوضح صادر أن أشهر معارض الكتب في لبنان هي معرض بيروت العربي الدولي للكتاب ومعرض انطلياس للكتاب ومعرض طرابلس للكتاب بالإضافة إلى معرض الكتاب للدول الناطقة باللغة الفرنسية “الفرانكوفون”.
ثانيا : نشأة الصحافة
عرف لبنان الصحافة منذ عام 1858 ،مروا بالعهد العثماني، ثم مرحلة الانتداب والاستقلال،ففي عام 1858 أصدر اللبناني خليل جبرائيل الخوري أول صحيفة مستقلة، “حديقة الأخبار” في بيروت . وفي العام نفسه، أصدر رشيد الدحداح، وهو لبناني الأصل، جريدة عربية في باريس، تحت عنوان “برجيس باريس”، ويعتبر لبنان من أكثر الدول العربية شهرة بهذه المهنة ، لأنها تحتل مركز الصدارة في مجالات الإعلام والإعلان والتثقيف والدفاع عن الحرية في العالم العربي، والإعلام في لبنان حر وغير موجه ومتعدد .
بالرغم من أن انتشار الصحف في عصر ما قبل الإنترنت كان بطيئا، إلا أن الصحف اللبنانية كانت تـسيطرعلى صناعة الرأي العام العربي وتـساهم إلى حد كبير في نشـر الوعـي الليبرالي والتـداول الحر للأفكار والعقائد في الشرق الأوسط.
فبعد قيام نظام المتصرفية في لبنان سنة 1861 كان داوود باشا أول متصرف غير لبناني على الوطن، وأسس أول جريدة هي “لبنان الرسمية” سنة 1867 ثم توالت الدوريات الرسمية أو “شبهها” مع خلفائه في لبنان، نوردها على التوالي:
1- في عهد المتصرفية (1860- 1918):
عصر الإمبراطورية العثمانية شهـد حـقبة من الاضطهاد الشديد للصحفيين في لبنان، فانتهى الأمر ببعض الصحفيين اللبنانيين إلى الفـرار إلى مصر .
نذكر جريدة لبنان الرسمية سنة 1861 مع داوود باشا، حديقة الأخبار سنة 1868 (الخاصة) مع فرنقو باشا، بيروت الولاية وبيروت غزته سي (بالتركية) مع علي باشا، لبنان سنة 1891 (الخاصة) مع واصف باشا، ولبنان المتصرفية 1909 مع يوسف فرنقو باشا.
وجريدة بيروت الرسمية سنة 1918:
صدرت “الجريدة الرسمية بيروت سنة 1918″، بعد سقوط سوريا في يد الملك فيصل ،مما استتبعه إنهيار السلطنة العثمانية في بيروت ، وبيروت هذه صدرت يوميا ما عدا يومي الجمعة والأحد وباللغة العربية فقط، وجاءت في صفحتين اثنتين فقط .
2- في عهد الإنتداب الفرنسي (1918- 1947) :
فرض الفرنسيون قوانين صحافة أقسى. ومع ذاك، أثبتت الصحافة اللبنانية في كل هذه المراحل قـدرة فائقة على الصـمود والاستمرار، ففي عام 1929كان هناك في لبنان 271 صحيفة تطالب غالبيتها بالاستقلال وترفـض الأنظمة القمعية الخارجية.
نذكر منها جريدة “لبنان الكبير الرسمية سنة 1920 “، و “لبنان الكبير الرسمية سنة 1921 (بالفرنسية)”، النشرة الرسمية للأعمال الإدارية للمفوضية العليا الفرنسية سنة 1921، الجريدة الرسمية للجمهورية اللبنانية سنة 1926 (الإنتدابية)، الجريدة الرسمية للجمهورية اللبنانية سنة 1926 (بالفرنسية). كما صدرت صحف اخرى في تلك المرحلة منها: صوت الأحرار، النداء، بيروت، لبنان، اللواء، البلاد، الدبور، الديار، آسيا، العمل، النهار والشرق.
3- في ما بعد الإستقلال (1943- 1975):
في نهاية الحرب العالمية الثانية، نال لبنان استقلاله، لكن أول نظام وطني فرض قوانين إعلام أكثر قـسوة حتى من الفرنسيين والعثمانيين. ولكن الصحافة اللبنانية رفضت مرة أخرى الرضوخ، فنشبت عام 1952 انتفاضة شعبية ضد الحكومة أسفرت عن إصدار قانون مطبوعات أقل تسلطا. ثم صدر عام 1962 قانون مطبوعات جديد ضـمن حرية الصحافة.
تعرضت الصحافة اللبنانية للتنكيل بشكل لم تعرف له مثيل من قبل. وقد أحالت الحكومة على المحاكمة في يوم واحد سبع صحف، وهي: “النهار”، “البيرق”، “الهدف”، “الصياد”، “الديار”، “العمل” ”الأحرار”.
وأقامت الحكومة عليها الدعوى، وقد أدى ذلك الى إعلان الصحافة الإضراب العام عن الصدور دفاعاً عن الحريات، وكانت مطالبها محدّدة في ثلاثة بنود:
– تصديق قانون المطبوعات الموجود في المجلس كما وافقت عليه النقابة
– إلغاء قانون الطوارئ
– الإفراج عن الصحف المعطّلة ومنع محاكمتها
ومن أبرز صحف هذه الفترة: “الحياة” التي أسسها “كامل مروة” عام 1946 ، وكانت أول جريدة تستقدم آلة خاصة “تلتيب”، بالإضافة الى “بيروت المساء” و”الزمان” وأول جريدة يومية في طرابلس “الإنشاء” التي أصدرها “محمود الأدهمي”.
ثم شهدت هذه الفترة ولادة مجلات سيكون لها دور فاعل في الصحافة والحياة العامة، مثل “الصياد” ، و”الأنباء” مع الحزب الإشتراكي وبالأخص مع “كمال جنبلاط”.
4- في عهد الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1989) :ورغم الحرب الأهلية الطاحنة في 1975-1989 التي دمـرت البلاد ومعها سـوق العمل والاتصالات بين المناطق، نهضت الصحافة اللبنانية من بين الركام، فتم في عام 1991 إحصاء 53 صحيفة يومية و48 مجلة أسبوعية و4 مجلات شهرية، إضافة إلى أكثر من 300 مطبوعة غير سياسية.
إنعكست مرحلة الحرب الأهلية في لبنان سلباً على الصحافة، فعاشت مرحلة غربة وتفكك وهجرة. وتمتد هذه المرحلة من العام 1975 حتى العام 1990، ومن أبرز مظاهر هذه المرحلة، فهي:
– توقف عدد من الصحف عن الصدور بسبب الحرب من ناحية، وغلاء المعيشة من ناحية ثانية.
– منافسة صحف أخرى غير لبنانية في الأسواق العربية، وضيق السوق المحلية وتجزأتها.
– إرتفاع نسبة عدد النشرات غير الشرعية التي تصدر في لبنان، والتي تجاوزعددها المئة، ثم توقف أكبر نسبة من الصحف الشرعية عن الصدور.
– هجرة عدد من الصحف والصحافيين الى أوروبا وبعض البلدان العربية.
– منافسة الوسائل الإعلامية السمعية البصرية للصحافة المكتوبة، وبالأخص على السوق الإعلانية.
– إرتفاع نسبة تكاليف الصحيفة، خاصةً مع الأخذ بالأساليب التقنية الجديدة.
كما أنشأ الناشرون اللبنانيون دور نشر في أوروبا مثل “دار الريس”، وفي الدول العربية مثل “مكتبة خياط”. اختارت منظمة اليونسكو مدينة بيروت عاصمة للكتاب العالمي لسنة 2009.
فالصحافة اللبنانية، أكثر من أي صحافة عربية أخرى، تعرضت لشتى عمليات النهب، والسرقة، والنسف، والتهديد، والهجوم، والقصف.
حـمزة عليان : نعم للصحافة الورقية
كتب الزميل حمزة عليان في جريدة الجريدة الكويتية بتاريخ 14 آذار / مارس 2023 مقالة بعنوان ” نعم للصحافة والكتاب الورقي
” بعد غياب دام نحو عامين، العدد الأول لمجلة «المجلة» الكويتية، تداوله الزملاء وهم غير مصدقين أن مطبوعة عربية خرجت إلى الحياة من جديد وبحلة فنية متطورة، وهذا هو التحدي الذي يحسب للقائمين على هذا المشروع الثقافي والفكري والمسؤولية المهنية.
العودة تثير السؤال المتجدد، عن «السباق» أو «الصراع» أو «المنافسة» بين الصحافة الورقية والإلكترونية، نتحدث هنا عن المطبوعات الورقية بكل أشكالها، ووسائل التواصل الاجتماعي والمنصات والصحف الإلكترونية، وهذا ينسحب مباشرة على المفاضلة بين الكتاب الورقي والآخر الإلكتروني. بيروت ورغم متاعبها الاقتصادية والسياسية المفجعة كانت حاضرة وصوتها مرتفع، ففي جلسة نقاشية رتّبها الدكتور خالد زيادة مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وبعنوان «الكتاب في لبنان بين الورقي والإلكتروني» طرحت فيها المخاوف والهواجس التي رافقت تحول الطباعة من الورقي إلى الإلكتروني.
أحد المحاورين وهو السيد زياد شبيب، مدير دار النشر في صحيفة «النهار» خلص إلى القول إن المخاوف من موت الكتاب الورقي تراجعت مع صموده في وجه الكتاب الإلكتروني، بل حصل نوع من التعايش بين الاثنين ولم يستطع الإلكتروني أن يحتويه بل كان مكملاً له.
السؤال، هل صناعة الكتاب والنشر في لبنان ما زالت بخير؟ قد يبدو السؤال فيه شيء من الغرابة، لكن القائمين على دور النشر يعتقدون أن «الكتاب اللبناني» لم يفقد قيمته ولا دوره.
الحقيقة أنه في ظل غياب إحصاءات ودراسات ميدانية وواقعية يصعب القبول بفكرة أن الكتاب اللبناني بخير، فهناك مشاكل لا حصر لها، وبعض دور النشر أغلقت أبوابها، فهذا القطاع يدفع ثمن أخطاء منظومة الحكم الفاسدة التي أوصلت البلاد إلى حالة من فقدان أساسيات العيش الكريم، وأغلقت على دور النشر كل الأبواب التي تعيد إليها الروح، فالسيد صلاح شبارو مدير أهم موقع إلكتروني لبيع الكتاب وهو «النيل والفرات» يعاني الأمرين كي يبقى في دائرة الضوء، ولديه 600 ألف كتاب ورقي، و16 ألف كتاب إلكتروني.
من يستمع إلى أصحاب المهنة يدرك حجم الأزمة والمأساة التي وصلت إليها حال الكتاب اللبناني، لكنه في الوقت نفسه يزداد إعجاباً من ذاك الرفض وعدم الاستسلام للكلام الذي ينعى فيه البعض موقع بيروت ولبنان عموماً في صناعة الكتاب العربي ونشره وتوزيعه. فصاحب مكتبة الفرات، السيد عبودي أبو جودة يعيد الأمور إلى نصابها، فدور النشر اللبنانية وجدت أساساً لتغذية السوق العربي، ومهما شغل الكتاب الإلكتروني من تسجيل أرقام متقدمة فلن يكون بمقدوره أن يلغي الكتاب الورقي أو يحل مكانه، صحيح أن دول الخليج العربي باتت تملك المطابع ودور النشر وبتقنيات عالية، لكنها تبقى محتاجة إلى الكتاب اللبناني، فالثقة التي يحتلها والحريات التي يتمتع بها تمنحه الدور الذي يستحقه ويحصل عليه.
كنت وإلى أسابيع في حوار مع عدد من أصحاب دور النشر اللبنانيين، وهؤلاء لا يفوتهم معرض للكتاب في عواصم الخليج والعرب إلا ويوجدون فيه، لديهم انطباع أن القارئ العربي عموماً ما زال يشعر أن بيروت هي عاصمة الكتاب والنشر نظراً لتاريخها وعطائها الذي لم ينقطع منذ خمسينيات القرن الماضي. اليوم إذا أردت أن تحصل على أي كتاب غير موجود في أي عاصمة عربية فما عليك إلا التوجه بأنظارك نحو بيروت، فهي ملجأ الحريات والنشر والكتاب.
نقيب المحررين اللبنانيين: الصحافي مشروع شهيد وشهادة
بمناسبة ذكرى شهداء الصحافة، وبالتزامن مع “اليوم العالمي للصحافة وحرية التعبير”، الذي يُصادف في الـ3 من أيار/مايو، أضاءت “الميادين الثقافية” على مراحل الصحافة اللبنانية، منذ بداية تأسيسها وصولاً إلى يومنا هذا؛ عصر الصحافة الرقمية، من خلال مقابلة خاصة أجرتها الزميلة ميشلين مبارك “قناة الميادين ” مع نقيب المحررين اللبنانين، جوزيف القصّيفي بتاريخ 8 أيار 2023
1- هل يبحث الصحافيون اليوم عن حرية التعبير بقدر بحثهم عن الهمّ المعيشي، في ظل الأزمة الاقتصادية؟
للحديث بواقعية عن وضع الإعلام في لبنان، نرى بأنّ هناك حرية تعبير كافية، ولكنّ الكلام عن حرية التعبير وتقييم هذه الحرية وكيفية ممارستها يختلف بين محللّ وآخر. الحقيقة أنّ لدينا حريّة رأي وتعبير وحريّة إعلام، وأحياناً يُؤخذ على الإعلام في لبنان أنّ حريته غير محدودة، وهي خارجة عن بعض الضوابط. قد يكون في هذا الكلام بعض الصحة، ولكن يجب أن نتنبه إلى أنّ هناك قوانين مرعية، وهناك قانون مطبوعات، وقد يختلط الأمر على البعض، فيلجأ عندما يتضرّر من إعلامي ما إلى محكمة غير مختصة (أي جزائية)، في حين أنّ هناك محكمة المطبوعات التي تبتّ وتفصل. في بعض الأحيان هناك خلط بين التعرض للشخصي وبين المعارضة السياسية، أو نجد أخباراً قد لا تكون صحيحة. ولكنّ عملية التصويب موجودة في محكمة المطبوعات، وعلى المتضرر أن يوضح أو يكذّب، أو يطلب إبداء ردّه في الصحيفة أو الوسيلة نفسها، وعلى هذه الأخيرة أن تتجاوب.
في المقابل، الهمّ المعيشي للصحافي موجود، وإذا أردنا التحدّث عن الصحافة المكتوبة فهي تُحتضر. وإذا أردنا أن نتكلّم عن المرئي والمسموع، كان الوضع المادي سابقاً أفضل من الوضع الحالي، أمّا اليوم فإنّ مجمل العاملين، وباستثناء قلّة قليلة، رواتبهم ليست على النحو الذي يستطيع أن يرتاح إليه الصحافي تماماً. بالإضافة إلى أنّ العاملين في المواقع الإلكترونية رواتبهم ليست كافية أيضاً. أمّا العاملون في مواقع التواصل الاجتماعي، فرواتبهم خارجة عن أية ضوابط ويلزمها قانون خاص. لذلك، أنا أقول إنّ علّة الصحافة في لبنان، بالإضافة إلى الوضع المادي السيئ، والتحديات السياسية وانعكاساتها وتعدّد الآراء فيها، هي الحاجة إلى مرجعية قانونية، أي قانون شامل وكامل للإعلام بكل فئاته، وبرأيي هذا القانون هو الذي ينظّم العمل الإعلامي.
إننا نعمل اليوم في قانون يعود إلى العام 1962. وأكثر من مرة، ومنذ العام 2000، ونحن نجتمع تارة في لجنة الإعلام النيابية، وتارة في لجنة الإدارة والعدل. ومشروع قانون يذهب ومشروع قانون يأتي، نرسله إلى اللجان ثم يُسحب، وحتى الآن لم نصل إلى نتيجة. وهناك اليوم مشروع قانون للإعلام أُعِدّ وأصبح موجوداً في لجنة الإدارة والعدل، ينام ملء جفونه، وهو بحاجة إلى من يوقظه ليُرسَل إلى المجلس النيابي.
2 – في زمن الصورة والإعلام الرقمي، كيف انعكست الأزمة الاقتصادية على الجريدة الورقية، على الرغم من متعة لمس الجريدة الورقية وعطر حبرها؟
شخصياً، أنا من الذين يحبون ويتمتعون بالجريدة الورقية وبعطر حبرها، لكن لنعترف بأنّ الصحافة الإلكترونية اليوم هي الأكثر انتشاراً، على الرغم من أنّها ليست الأكثر دقة بسبب التسابق على الأخبار والمعلومات، وهذا ما حصل في فترة من الفترات مع وسائل الإعلام المرئية والسموعة. في بعض الأحيان يكون الخبر مبتوراً أو غير دقيق، مما يخلق إشكالات كثيرة، في حين أنّ الصحافة المكتوبة تقدّم نوعاً ما الخبر الموثوق، لأنّ لديها الوقت للتحقّق منه. ثانياً، إنّ الصحافة المكتوبة تُتيح للموضوع مساحة كافية للتطرّق إليه من كافة جوانبه، فيخرج مستوفياً كل الشروط الموضوعية.
صحيحٌ أنّ الصحافة الورقية تُحتضر، لكنّها وفي وجه هذه المضاربة القوية، عليها أن تقوم بخطوات لتمويل إنفاقها بهدف تأمين شروط استمراريتها، بالإضافة إلى إيجاد مواقع أو صفحات إلكترونية تابعة لها لتتكامل مع القسم الورقي فيها، بحيث يشكّل الموقع عنصراً مسانداً مادياً أو معنوياً للصحيفة.
تجدر الإشارة إلى أمر علينا التنبّه إليه، وهو أنّ المنافسة غير متكافئة بين الصحيفة الورقية والموقع الإلكتروني، فترخيص الصحيفة كان مُكلِفاً في الماضي، بالإضافة إلى تسجيل المكتب والحبر والمطابع والورق ونفقات المكتب من كهرباء وغيرها. في المقابل فإنّ تسجيل الموقع الإلكتروني أقل كلفة، وبالتالي نفقاته أقل من الصحافة الورقية وأرباحه أكثر، لذلك لا نستطيع أن نوازي بين الصحافة الإلكترونية والصحافة الورقية أو المرئية والمسموعة، وبالتالي هذا التوازن المفقود يجب أن نجد له علاجاً.
4- برأيك كيف نستطيع قياس أخلاق المهنة في ظل الإعلام المفتوح على كلّ العالم؟ وهل ما زالت هذه الأخلاق محترَمة؟
في دول العالم المتحضّر، هناك مدونات سلوك يلتزم بها الصحافيون، وبعضها إلزاميّ. على سبيل المثال، في ألمانيا أو في بلجيكا، هناك مدونات سلوك ومجلس يُشرف على تطبيقها، يتألف من أصحاب الصحف ومحررين وقضاة، ويرأسها قاضٍ. تراقب هذه المدونة سلوك الصحافي، وتتخذ الإجراءات اللازمة في حال المخالفة.
أمّا في لبنان فهناك ضوابط أخلاقية للمهنة وشروحات لها، لكنّها ما زالت ضمن مشروع القانون الذي تكلّمنا عنه سابقاً. وبرأيي علينا العمل على خلق ثقافة داخل الجسم الإعلامي في التعاطي مع بعضه البعض، والتعاطي مع المجتمع. بمعنى الفصل بين الموقف السياسي والموقف الشخصي. وربما هذه الثقافة موجودة، إنّما غير مطبَّقة تماماً. لذلك، أنا من الرأي القائل إننا بحاجة إلى مدونة سلوك إعلامية.
5- الصحافة هي نوع من أنواع المعرفة، واليوم أصبح النص ينتمي إلى كل مكان في عصر العولمة، هل نحن بحاجة إلى منهج فكري أو قانون معين لمواكبة الثورة الصحافية المعلوماتية؟
المنهج المطلوب هو قانون حديث للإعلام، فالمهنة تتطور والديناميكيات تفرز نفسها. ولكنّ الإطار العام للإعلام كوسيلة للمعرفة وتقريب المسافات والإضاءة على مشاكل المجتمع هي نفسها. الحاجة هي تشريع القانون الجديد.
6-في ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، لديكم وقفة رمزية في 6 أيار/مايو في ساحة الشهداء، فما هي الرسالة التي تودّ توجهيها إلى جميع الزميلات والزملاء؟
الرسالة الموجهة هي الوفاء لتراث الشهداء، فشهداء 6 أيار/مايو 1916 ليسوا تفصيلاً في تاريخ الوطن. عندما عُلِّقت المشانق في ذلك التاريخ، شكّل الصحافيون ثلث الشهداء. هؤلاء كانوا الشرارة لشقّ طريق التحرّر والحرية، ودفعوا ثمن آرائهم وارتقوا إلى ذرا الشهادة. وفيما بعد، كانت هناك قافلة من الصحافيين الشهداء الذين سقطوا في كلّ المواقع، وفي كلّ محطات تاريخ لبنان… وبالتالي نرى بأنّ الصحافيين والإعلاميين كانوا دائماً في ذروة الحدث. لذلك عليهم أن يعتبروا أنفسهم أساساً في المشهد الوطني، بمعنى ألّا يستهينوا بدورهم وأن يقوموا به بكل مسؤولية. وأنا أعتبر بأنّ الصحافي حتى في ذروة أيام الرخاء هو مشروع شهيد وشهادة.
ما هي أقدم صحيفة لبنانية ؟ أمر يحتاج للتعرف عليه من أجل أن نتعرف على التاريخ الصحفي في لبنان والأفكار التي بنيت عليها الصحيفة كل ذلك سوف نتعرف عليه عبر مقالنا هذا على مجلة رجيم.
واعتبر النقيب أنّ جريدة “حديقة الأخبار” هي الأولى في المشرق العربي، وجاء صدورها في عهد السلطان عبد المجيد حيث كانت بيروت تتبع ولاية صيدا، وقد ظهر في هذا العهد ظاهرة ملحة على إنشاء صحيفة دورية داخل بيروت مركز النهضة العربية بحيث أن تكون رابطة تواصل بين الواقعين في مصر وسوريا.
في غزوة كانون الثاني “يناير” عام 1858 قد برزت صحيفة أسبوعية سياسة علمية تجارية تاريخية وهي جريدة “حديقة الأخبار”، التي قام بتأسيسها خليل الخوري اللبناني وكان من أكبر أعضاء الجريدة التي لهم الفضل في إنشائها ميخائيل يوسف مدور وهو من أعظم نصراء الأدب في لبنان، وهما الاثنان أعضاء الجمعية العلمية السورية.
واقتصر دور جريدة حديقة الأخبار بأن تكون منبر يساعد على إنعاش الحياة الاقتصادية والتجارية في لبنان، كما أنها تساهم في تحقيق الغاية الفكرية التي تسعى لها البرجوازية التجارية، وأنه تعمل بكل جهد للتأليف بين كافة الطوائف والتفاهم حول تلك الأفكار وليس المقصود من إنشائها أكثر من ذلك.
وعن الأهداف والتوجهات في جريدة حديقة الأخبار، أوضح النقيب :
واتصفت حديقة الأخبار باعتدالها وتفانيها في خدمة الدولة العثمانية وكان العدد الخامس من الجريدة مثال ساطع على هذا، إذا قام ناصيف اليازجي بمدح كلا السلطانين عبد المجيد وعبد العزيز وأطلق عليهما أوصاف ونعوت مبالغ فيها لأقصى درجات المبالغة مثل رب العلم، خليفة رسول الله العظيم وغيرها من الصفات الكثيرة التي لا يكون لها أي داع.
وكانت تلك النعوت مجرد جزية يقوم بتأديتها لسلطان هذا العصر حيث ظل له ضمان للحفاظ على حياته الشخصية وتمنحه حق نشر بعض من الأمور المحظورة جزئياً أو كلياً، أو القيام بنشر الكثير من الأخبار الخطيرة التي تعمل على تهيج خواطر الشعب، مثلما حدث خلال نشر خبر محاولة الاغتيال التي قام بها الثائر الايطالي الحر أورسيني ضد نابليون الثالث الذي كان عدو لدود لحركة التحرر الإيطالي.
فكانت جريدة حديقة الأخبار هي أول صحيفة يتم إصدارها في لبنان، وكانت الصحيفة الأولى في جبل لبنان هي صحيفة الرسمية، التي قام بإصدارها محمد داوود باشا في بيت الدين عام 1867 وكانت أول دورية مصرية غير رسمية جريدة يعسوب الطب التي عمل على إصدارها محمد على باشا في عام 1865، ويأتي من بعدها في العام الثاني جريدة وادي النيل التي أصدرها الملك عبد الله أبو السعود بالقاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »